كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



وكانوا يؤمرون بكف أيديهم وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة {فلما كتب عليهم القتال} في المدينة في الوقت المناسب الذي قدره الله {إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب} أو هم جماعة من المسلمين في المدينة كانوا يسألون عن أحب الأعمال إلى الله ليفعلوه فلما أمروا بالجهاد كرهوه!
وهذه الوقفة كفيلة بأن تفتح أعيننا على ضرورة الموالاة للنفس البشرية بالتقوية والتثبيت والتوجيه؛ وهي تواجه التكاليف الشاقة، لتستقيم في طريقها، وتتغلب على لحظات ضعفها، وتتطلع دائماً إلى الأفق البعيد. كما تلهمنا أن نتواضع في طلب التكاليف وتمنيها ونحن في حالة العافية! فلعلنا لا نقوى على ما نقترح على الله حين يكلفنا إياه! وهؤلاء جماعة من المسلمين الأوائل يضعفون ويقولون ما لا يفعلون؛ حتى يعاتبهم الله هذا العتاب الشديد، وينكر عليهم هذا الإنكار المخيف!
ونقف ثانية أمام حب الله للذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص.. نقف أمام هذا الإغراء القوي العميق على القتال في سبيل الله.. وأول ما يسجل هنا أنه كان لمواجهة حالة تقاعس وتخلف وكراهية للقتال. ولكن هذا السبب الغريب في الحادث المحدود لا ينفي أن الحض عام، وأن وراءه حكمة دائمة.
إن الإسلام لا يتشهى القتال، ولا يريده حباً فيه. ولكنه يفرضه لأن الواقع يحتمه، ولأن الهدف الذي وراءه كبير. فالإسلام يواجه البشرية بالمنهج الإلهي في صورته الأخيرة المستقرة. وهذا المنهج ولو أنه يلبي الفطرة المستقيمة إلا أنه يكلف النفوس جهداً لتسمو إلى مستواه، ولتستقر على هذا المستوى الرفيع. وهناك قوى كثيرة في هذه الأرض لا تحب لهذا المنهج أن يستقر، لأنه يسلبها كثيراً من الامتيازات، التي تستند إلى قيم باطلة زائفة، يحاربها هذا المنهج ويقضي عليها حين يستقر في حياة البشر. وهذه القوى تستغل ضعف النفوس عن البقاء في المستوى الإيماني وتكاليفه، كما تستغل جهل العقول، وموروثات الأجيال، لتعارض هذا المنهج وتقف في طريقه. والشر عارم. والباطل متبجح. والشيطان لئيم! ومن ثم يتعين على حملة الإيمان وحراس المنهج أن يكونوا أقوياء ليغلبوا عملاء الشر وأعوان الشيطان. أقوياء في أخلاقهم، وأقوياء في قتال خصومهم على السواء. ويتعين عليهم أن يقاتلوا عندما يصبح القتال هو الأداة الوحيدة لضمان حرية الدعوة للمنهج الجديد، وحرية الاعتقاد به، وحرية العمل وفق نظامه المرسوم.
وهم يقاتلون في سبيل الله.. لا في سبيل ذواتهم أو عصبيتهم من أي لون.. عصبية الجنس وعصبية الأرض وعصبية العشيرة وعصبية البيت.. في سبيل الله وحده، لتكون كلمة الله هي العليا. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».
وكلمة الله هي التعبير عن إرادته. وإرادته الظاهرة لنا نحن البشر هي التي تتفق مع الناموس الذي يسير عليه الكون كله. الكون الذي يسبح بحمد ربه. ومنهج الله في صورته الأخيرة التي جاء بها الإسلام هو الذي يتناسق مع ذلك الناموس؛ ويجعل الكون كله والناس من ضمنه يحكمون بشريعة الله. لا بشريعة يضعها سواه.
ولم يكن بد أن يقاومه أفراد، وأن تقاومه طبقات، وأن تقاومه دول. ولم يكن بد كذلك أن يمضي الإسلام في وجه هذه المقاومة؛ ولم يكن بد أن يكتب الجهاد على المسلمين لنصره هذا المنهج، وتحقيق كلمة الله في الأرض. ولهذا أحب الله سبحانه الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص.
ونقف ثالثاً أمام الحالة التي يحب الله للمجاهدين أن يقاتلوا وهم عليها: {صفاً كأنهم بنيان مرصوص}.. فهو تكليف فردي في ذاته، ولكنه فردي في صورة جماعية. في جماعة ذات نظام. ذلك أن الذين يواجهون الإسلام يواجهونه بقوى جماعية، ويؤلبون عليه تجمعات ضخمة؛ فلابد لجنود الإسلام أن يواجهوا أعداءه صفاً. صفاً سوياً منتظماً، وصفاً متيناً راسخاً ذلك إلى أن طبيعة هذا الدين حين يغلب ويهيمن أن يهيمن على جماعة، وأن ينشئ مجتمعاً متماسكاً.. متناسقاً. فصورة الفرد المنعزل الذي يعبد وحده، ويجاهد وحده، ويعيش وحده، صورة بعيدة عن طبيعة هذا الدين، وعن مقتضياته في حالة الجهاد، وفي حالة الهيمنة بعد ذلك على الحياة.
وهذه الصورة التي يحبها الله للمؤمنين ترسم لهم طبيعة دينهم، وتوضح لهم معالم الطريق، وتكشف لهم عن طبيعة التضامن الوثيق الذي يرسمه التعبير القرآني المبدع: {صفاً كأنهم بنيان مرصوص}.. بنيان تتعاون لبناته وتتضام وتتماسك، وتؤدي كل لبنة دورها، وتسد ثغرتها، لأن البنيان كله ينهار إذا تخلت منه لبنة عن مكانها. تقدمت أو تأخرت سواء. وإذا تخلت منه لبنة عن أن تمسك بأختها تحتها أو فوقها أو على جانبيها سواء.. إنه التعبير المصور للحقيقة لا لمجرد التشبيه العام. التعبير المصور لطبيعة الجماعة، ولطبيعة ارتباطات الأفراد في الجماعة. ارتباط الشعور، وارتباط الحركة، داخل النظام المرسوم، المتجه إلى هدف مرسوم.
بعدئذ يذكر قصة هذا المنهج الإلهي ومراحلها في الرسالات قبل الإسلام.
{وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
{وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}..
وإيذاء بني إسرائيل لموسى وهو منقذهم من فرعون وملئه، ورسولهم وقائدهم ومعلمهم إيذاء متطاول متعدد الألوان، وجهاده في تقويم اعوجاجهم جهاد مضن عسير شاق.
ويذكر القرآن في قصص بني إسرائيل صوراً شتى من ذلك الإيذاء ومن هذا العناء.
كانوا يتسخطون على موسى وهو يحاول مع فرعون إنقاذهم، ويتعرض لبطشه وجبروته وهم آمنون بذلتهم له! فكانوا يقولون له لائمين متبرمين: {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا} كأنهم لا يرون في رسالته خيراً، أو كأنما يحملونه تبعة هذا الأذى الأخير!
وما كاد ينقذهم من ذل فرعون باسم الله الواحد الذي أنقذهم من فرعون وأغرقه وهم ينظرون.. حتى مالوا إلى عبادة فرعون وقومه {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنآ إلهاً كما لهم آلهة} وما كاد يذهب لميقات ربه على الجبل ليتلقى الألواح، حتى أضلهم السامري: {فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا هذآ إلهكم وإله موسى فنسي} ثم جعلوا يتسخطون على طعامهم في الصحراء: المن والسلوى. فقالوا: {يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثآئها وفومها وعدسها وبصلها} وفي حادث البقرة التي كلفوا ذبحها ظلوا يماحكون ويتعللون ويسئيون الأدب مع نبيهم وربهم وهم يقولون: {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي} {ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها} {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا} {فذبحونا وما كادوا يفعلون} ثم طلبوا يوم عطلة مقدساً فلما كتب عليهم السبت اعتدوا فيه.
وأمام الأرض المقدسة التي بشرهم الله بدخولها وقفوا متخاذلين يصعرون خدهم في الوقت ذاته لموسى: {قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون} فلما كرر عليهم التحضيض والتشجيع تبجحوا وكفروا: {قالوا ياموسى إنا لن ندخلهآ أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} ذلك إلى إعنات موسى بالأسئلة والاقتراحات والعصيان والتمرد، والاتهام الشخصي بالباطل كما جاء في بعض الأحاديث.
وتذكر الآية هنا قول موسى لهم في عتاب ومودة:
{يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم}..
وهم كانوا يعلمون عن يقين.. إنما هي لهجة العتاب والتذكير..
وكانت النهاية أنهم زاغوا بعدما بذلت لهم كل أسباب الاستقامة، فزادهم الله زيغاً، وأزاغ قلوبهم فلم تعد صالحة للهدى. وضلوا فكتب الله عليهم الضلال أبداً: {والله لا يهدي القوم الفاسقين}..
وبهذا انتهت قوامتهم على دين الله، فلم يعودوا يصلحون لهذا الأمر، وهم على هذا الزيغ والضلال.
ثم جاء عيسى بن مريم. جاء يقول لبني إسرائيل:
{يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم}..
فلم يقل لهم: إنه الله، ولا إنه ابن الله، ولا إنه أقنوم من أقانيم الله.
{مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}..
في هذه الصيغة التي تصور حلقات الرسالة المترابطة، يسلم بعضها إلى بعض، وهي متماسكة في حقيقتها، واحدة في اتجاهها، ممتدة من السماء إلى الأرض، حلقة بعد حلقة في السلسة الطويلة المتصلة.. وهي الصورة اللائقة بعمل الله ومنهجه. فهو منهج واحد في أصله، متعدد في صوره، وفق استعداد البشرية وحاجاتها وطاقاتها، ووفق تجاربها ورصيدها من المعرفة حتى تبلغ مرحلة الرشد العقلي والشعوري، فتجيء الحلقة الأخيرة في الصورة الأخيرة كاملة شاملة، تخاطب العقل الراشد، في ضوء تلك التجارب، وتطلق هذا العقل يعمل في حدوده، داخل نطاق المنهج المرسوم للإنسان في جملته، المتفق مع طاقاته واستعداداته.
وبشارة المسيح بأحمد ثابتة بهذا النص، سواء تضمنت الأناجيل المتداولة هذه البشارة أم لم تتضمنها. فثابت أن الطريقة التي كتبت بها هذه الأناجيل والظروف التي أحاطت بها لا تجعلها هي المرجع في هذا الشأن.
وقد قرئ القرآن على اليهود والنصارى في الجزيرة العربية وفيه: {النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} وأقر بعض المخلصين من علمائهم الذين أسلموا كعبد الله بن سلام بهذه الحقيقة، التي كانوا يتواصون بتكتمها!
كما أنه ثابت من الروايات التاريخية أن اليهود كانوا ينتظرون مبعث نبي قد أظلهم زمانه، وكذلك بعض الموحدين المنعزلين من أحبار النصارى في الجزيرة العربية. ولكن اليهود كانوا يريدونه منهم. فلما شاء الله أن يكون من الفرع الآخر من ذرية إبراهيم، كرهوا هذا وحاربوه!
وعلى أية حال فالنص القرآني بذاته هو الفيصل في مثل هذه الأخبار. وهو القول الأخير..
ويبدو أن الآيات التالية في السورة جاءت على الأكثر بصدد استقبال بني إسرائيل اليهود والنصارى للنبي الذي بشرت به كتبهم. والتنديد بهذا الاستقبال، وكيدهم للدين الجديد الذي قدر الله أن يظهره على الدين كله، وأن يكون هو الدين الأخير!
{فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}..
ولقد وقف بنو إسرائيل في وجه الدين الجديد وقفة العداء والكيد والتضليل، وحاربوه شتى الوسائل والطرق حرباً شعواء لم تضع أوزارها حتى اليوم. حاربوه بالاتهام: {فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين}.. كما قال الذين لا يعرفون الكتب ولا يعرفون البشارة بالدين الجديد. وحاربوه بالدس والوقيعة داخل المعسكر الإسلامي، للإيقاع بين المهاجرين والأنصار في المدينة، وبين الأوس والخزرج من الأنصار. وحاربوه بالتآمر مع المنافقين تارة ومع المشركين تارة.
وحاربوه بالانضمام إلى معسكرات المهاجمين كما وقع في غزوة الأحزاب. وحاربوه بالإشاعات الباطلة كما جرى في حديث الإفك على يد عبد الله بن أبي سلول، ثم ما جرى في فتنة عثمان على يد عدو الله عبد الله بن سبأ. وحاربوه بالأكاذيب والإسرائيليات التي دسوها في الحديث وفي السيرة وفي التفسير حين عجزوا عن الوضع والكذب في القرآن الكريم.
ولم تضع الحرب أوزارها لحظة واحدة حتى اللحظة الحاضرة. فقد دأبت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الكيد للإسلام، وظلتا تغيران عليه أو تؤلبان عليه في غير وناة ولا هدنة في جيل من الأجيال. حاربوه في الحروب الصليبية في المشرق، وحاربوه في الأندلس في المغرب، وحاربوه في الوسط في دولة الخلافة الأخيرة حرباً شعواء حتى مزقوها وقسموا تركة ما كانوا يسمونه الرجل الأبيض.. واحتاجوا أن يخلقوا أبطالاً مزيفين في أرض الإسلام يعملون لهم في تنفيذ أحقادهم ومكايدهم ضد الإسلام. فلما أرادوا تحطيم الخلافة والإجهاز على آخر مظهر من مظاهر الحكم الإسلامي صنعوا في تركيا بطلاً!.. ونفخوا فيه. وتراجعت جيوش الحلفاء التي كانت تحتل الأستانة أمامه لتحقق منه بطلاً في أعين مواطنيه. بطلاً يستطيع إلغاء الخلافة، وإلغاء اللغة العربية، وفصل تركيا عن المسلمين، وإعلانها دولة مدنية لا علاقة لها بالدين! وهم يكررون صنع هذه البطولات المزيفة كلما أرادوا أن يضربوا الإسلام والحركات الإسلامية في بلد من بلاد المسلمين، ليقيموا مكانه عصبية غير عصبية الدين! وراية غير راية الدين.
{يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}..
وهذا النص القرآني يعبر عن حقيقة، ويرسم في الوقت ذاته صورة تدعو إلى الرثاء والاستهزاء! فهي حقيقة أنهم كانوا يقولون بأفواههم: {هذا سحر مبين}.. ويدسون ويكيدون محاولين القضاء على الدين الجديد. وهي صورة بائسة لهم وهم يحاولون إطفاء نور الله بنفخة من أفواههم وهم هم الضعاف المهازيل!
{والله متمم نوره ولو كره الكافرون}.. وصدق وعد الله. أتم نوره في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فأقام الجماعة الإسلامية صورة حية واقعة من المنهج الإلهي المختار. صورة ذات معالم واضحة وحدود مرسومة، تترسمها الأجيال لا نظرية في بطون الكتب، ولكن حقيقة في عالم الواقع. وأتم نوره فأكمل للمسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام ديناً يحبونه، ويجاهدون في سبيله، ويرضى أحدهم أن يلقى في النار ولا يعود إلى الكفر. فتمت حقيقة الدين في القلوب وفي الأرض سواء. وما تزال هذه الحقيقة تنبعث بين الحين والحين. وتنبض وتنتفض قائمة على الرغم من كل ما جرد على الإسلام والمسلمين من حرب وكيد وتنكيل وتشريد وبطش شديد.
لأن نور الله لا يمكن أن تطفئه الأفواه، ولا أن تطمسه كذلك النار والحديد، في أيدي العبيد! وإن خيل للطغاة الجبارين، وللأبطال المصنوعين على أعين الصليبيين واليهود أنهم بالغو هذا الهدف البعيد!
لقد جرى قدر الله أن يظهر هذا الدين، فكان من الحتم أن يكون:
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}..
وشهادة الله لهذا الدين بأنه {الهدى ودين الحق} هي الشهادة. وهي كلمة الفصل التي ليس بعدها زيادة. ولقد تمت إرادة الله فظهر هذا الدين على الدين كله. ظهر في ذاته كدين، فما يثبت له دين آخر في حقيقته وفي طبيعته، فأما الديانات الوثنية فليست في شيء في هذا المجال، وأما الديانات الكتابية فهذا الدين خاتمتها، وهو الصورة الأخيرة الكاملة الشاملة منها، فهو هي، في الصورة العليا الصالحة إلى نهاية الزمان.